أهلاً وسهلاً
بحضورك أشرقت الدار
وبانضمامك الينا
سعدنا كثير وغمرتنا الفرحة
وكلنا شوق لاطلالتك علينا
كل يوم
بحضورك البهي
وما سيجود فيه قلمك
من همسات ومشاركات
فقد تهيئت قلوبنا قبل صفحات منتدانا
لاستقبال عبق حروفك
وبوح قلمك
وتقبل امنياتي بقضاء أجمل وأسعد الأوقات
وأكثرها فائدة لنا ولك
وأهلاً وسهلاً
أهلاً وسهلاً
بحضورك أشرقت الدار
وبانضمامك الينا
سعدنا كثير وغمرتنا الفرحة
وكلنا شوق لاطلالتك علينا
كل يوم
بحضورك البهي
وما سيجود فيه قلمك
من همسات ومشاركات
فقد تهيئت قلوبنا قبل صفحات منتدانا
لاستقبال عبق حروفك
وبوح قلمك
وتقبل امنياتي بقضاء أجمل وأسعد الأوقات
وأكثرها فائدة لنا ولك
وأهلاً وسهلاً
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اللمة الجزائرية :: تعرف على الجزائر من أهلها جزائري : منتدى ثقافى ، سياحي ، تعليمي ، نقاشي ، تطويري ، برمجي ، رياضي ، ترفيهي ، سياسي متخصص بالشوؤن الأسرة.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولكل القونين المنتدى

 

 الصورة الفنية في شعر محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اميرة الورد
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
اميرة الورد


عدد المشركات : 2601
مستواك : 1672
معدل اليومي :: : 34
تاريخ التسجيل: : 05/01/2010
العمر : 35
الموقع : تلمسان

الصورة الفنية في شعر محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: الصورة الفنية في شعر محمود درويش   الصورة الفنية في شعر محمود درويش I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 20, 2010 7:27 am

النص المربك: عاطف أبو حمادة في كتابه
" الصورة الفنية في شعر محمود درويش "

د. عادل الأسطة

يقول أنيس صايغ في كتابه " 13 أيلول " عن محمود درويش ما يلي:
" والشاعر محمود درويش يكتشف سراً خطيراً: التأييد هو التقييد. لذلك فهو يؤيد الاتفاقية التي لا يؤيدها ليقيدها أو ليقيد اسمه في سجل المؤيدين الذين لا يؤيدون والمعارضين الذين لا يعارضون والمشاركين الذين لا يشاركون وغير المشاركين الذين يشاركون ".([1])

ويفصح هذا القول عن أن الشاعر شاعر غامض في مواقفه، وأنه لا يضع النقاط على الحروف، إنه مع الشيء وضده في الوقت نفسه.ولئن كان صايغ أطلق هذا القول ليبدي رأيه في مواقف درويش السياسية، فإن ما قاله قابل لأن يقال عن شعر درويش، وإن كان هذا يميز بين ما يقوله شعراً وما يقوله سياسة، لأن القولين يدرجان تحت عالمين مختلفين: عالم الشعر وعالم السياسة، وقد عبر درويش عن هذا بعد كتابته قصيدة " أحد عشر كوكباً على آخر المشهد الأندلسي " إذ قال، في حينه، بعد قراءة النص قراءة سياسية:
" لقد آلمني ذلك كثيراً، إذ لا يمكن لي أن أتعامل مع المفاوضات من خلال الكتابة عن غرناطة، ولست بحاجة لتوظيف كل تاريخي وبرنامجي الجمالي للتعبير عن تحفظ ما أستطيع تسجيله في مقال أو ندوة أو اجتماع …" ([2])

ولربما يميز كثيرون بين عالم الشعر وعالم السياسة، غير أن هناك فهماً للشعر، ساد وطغى، وأخذ به درويش، ذات نهار، حين قال شعراً إن القصائد إذا لم يفهم البسطاء معانيها فأولى أن يذريها وأولى أن يخلد الشعراء للصمت. ولكن فهم درويش للشعر تغير وتغير شعره، ورأى أن هناك مدارس أدبية عديدة، وليست المدرسة التي انطوى تحت لوائها في بداية حياته سوى واحدة. قرأ درويش الشعر العربي والشعر العالمي وقرأ البلاغة وعرف أن هناك تورية ومجازاً واستعارة، وهذه من مكونات الشعر، وليس الشعر معنى وحسب. وفيما بعد، وربما من خلال تثقيف ذاته نقدياً، وربما من خلال قراءة ما كتب عن أشعاره وربما من خلال إعجابه بشعراء أربكوا نقادهم، مثل المتنبي، ربما من خلال هذا كله عرف أن النص الجيد هو النص الذي يكون قابلاً لقراءات عديدة، النص الذي يفترض قارئاً ذكياً مدرباً عليه أن يعمل عقله وخياله فيما يقرأ. وربما أدرك درويش، بل وهذا ما أدركه، أن جمهور الشعر الآن هو النخبة فقط:
" فالشاعر لم يكن يوماً جماهيرياً كما يظن الثوريون "([3])
وإن كانت العبارة التالية قد تنفي ما فهمته:
" ولم يكن طالب عزلة كما يظن النخبويون ".([4])
ودرويش في هذه العبارة يتحدث عن موقف النخبويين من الشاعر، لا من جمهور الشعر؛ لأنه يدرك أن الذين يهتمون بالشعر هم الذين يقرأون والذين يكتبون الشعر، بل ليس القراء كلهم مهتمين بالشعر ومقبلين على قراءته.

ونص درويش الشعري نص مربك لا لقراء الشعر بل للنقاد المتخصصين، وهؤلاء حين يكتبون عن نص درويش يتساءلون إنْ كان ما فهموه من نصوص الشاعر هو ما رمى إليه. يخلص ناقد كبير مثل حسام الخطيب بعد أن يقترح طريقة لقراءة الشعر الحديث، مستفيداً من التكنولوجيا، وبعد أن يدرس نموذجاً شعرياً من أشعار درويش، يخلص إلى النتيجة التالية:
وعذراً من محمود درويش الذي أخشى ألا يقع هذا الكلام عنده الموقع الذي أشتهيه ".([5])

في عام 1998 أصدر الدكتور عاطف أبو حمادة كتاباً عنوانه " الصورة الفنية في شعر محمود درويش: دراسة نقدية "([6]) (غزة)، والكتاب هو رسالة دكتوراة أنجزها صاحبها تحت إشراف الدكتور فهد عكام، وقد حاول الدارس في كتابه " تأصيل منهج الصورة الشعرية،وذلك لكثرة الآراء وتضاربها في هذا الموضوع " وهو ما أتى عليه في التمهيد([7])(ص1– 24)، وقد أفاد من المعارف التي " زودتنا بها المناهج النقدية الحديثة" وجاء كتابه، على صورته التي بين أيدينا، ثمرة لجهد دام ثلاث سنوات متواصلة.
ولن أعرض هنا للكتاب وفصوله، إذ ليس هذا ما أرمي إليه فما أرمي إليه هو الكتابة عن نص درويش المربك، وهو ما جعلني أكتب غير مقالة في هذا الجانب من أشعار درويش، وأرغب هنا في أن أتوقف أمام أربعة مواطن من الكتاب ليس أكثر.

أشير، ابتداء، إلى أن هناك خَلَلاً في ص 27، لا شك أن القارئ، الفطن سوف يلتفت إليه، وآمل من الدكتور عاطف إن أعاد طباعة الكتاب، أن يلتفت إليه لأن الدراسة كلها تعتمد عليه، ويكمن هذا الخلل الطباعي في عدم توازي الرموز مع مرموزها، واستخدام الدارس لها متكئ على كتابات الدكتور فهد عكام ومحاضراته.

الموطن الأول الذي لفت انتباهي ورد في ص 29، وتحديداً في تفسير الدارس قول درويش:
" ولي زنزانة جنسية كالبحر "


يقول د. عاطف:
" لقد شبه الشاعر الزنزانة بالبحر، ولا أظن الطرفين يشتركان في صفة من الصفات غير أن الزنزانة ضيقة والبحر واسع، وقد اصبحا على سبيل التهكم شيئاً واحداً لما يحققانه من عذاب نفسي.

وأول ما يمكن أن يقال هو أن الدارس توقف أمام هذا السطر معزولاً عن بقية النص من قصيدة " تلك صورتها وهذا انتحار العاشق "، وكان يمكن أن يفسر هذا السطر تفسيراً آخر لو قرأه في ضوء قراءة القصيدة كلها. وما يمكن أن يتساءل عنه أيضاً هو ما توصل إليه الدارس من أن الزنزانة والبحر أصبحا على سبيل التهكم شيئاً واحداً لما يحققانه من عذاب نفسي. هل كان درويش في نصه كله ساخراً متهكماً أم أنه، حتى سنة كتابة القصيدة، لم ينشر في مجموعاته شعراً ساخراً؟ ربما يحيلنا هذا التساؤل، من جديد، إلى قراءة نص درويش كله لنلحظ إن كان النص على قدر من التهكم أم أنه نص جاد يعبر عن مأساوية العلاقة بين العاشق وصورتها، بين فلسطين والشاعر أو الفلسطيني الذي يعيش آلام المنفى.
يأتي السطر الشعري في سياق المقطع التالي:
واشهد أنه مات، الفراشة، بائع الدم، عاشق الأبواب.
لي زنزانة تمتد من سنة إلى … لغة
ومن ليل إلى … خيل
ومن جرح إلى … قمح
ولي زنزانة جنسية كالبحر
قال: حبيبتي موج
وأمضى عمره في الحائط المتموج … السقف القريب
وحلمه الهارب.
أنا المتكلم الغائب


سأنتظر انتظاري. كنت أعرفني
لأن طفولتي رجل أُحبُّ …([8])

والننظر في المفردات ( زنزانة، ليل، جرح)، ولننظر أيضاً في دلالة العبارات: حلم هارب، متكلم غائب، متكلم ينتظر انتظاره. والعاشق هنا يبحث عن المعشوقة. لقد وصف درويش الزنزانة بأنها جنسية، وما هو مشترك ليس بين الزنزانة بمعناها القاموسي والبحر – أو هذا ما علينا أن نبحث عنه- إنما المشترك هو ما بين الزنزانة الجنسية والبحر- وهذا ما علينا أن نبحث عنه. علينا أن نبحث عن المعنى المجازي لمفردة الزنزانة، وإذا عرفنا أن الدال أعطاه الوصف مدلولاً مغايراً، أدركنا أن ثمة ما هو مشترك ما بين المشبه والمشبه به، وهو قوة الاندفاع. اندفاع العاشق نحو محبوبته واندفاع البحر في صخبه.
هل نص درويش المربك هو المسؤول عن هذه التفسيرات أم المسؤول عنها القارئ؟ وهل لنا أن نأخذ بمقولة " المعنى في بطن الشاعر " أم بمقولة عبد الله الغذامي الذي أفاد من النظريات النقدية الحديثة :" المعنى في بطن القارئ"؟ ولو ذ هبنا إلى الشاعر وسألناه عن المعنى فماذا سيقول؟ أيقول:
أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر القوم جراها ويختصم؟
ربما !!

الموطن الثاني الذي أرغب في أن أتوقف أمامه هو ما ورد في ص 33. توقف الدارس أمام المقطع التالي:
" وهو الحديقة في مهابتها البسيطة، لا يحدثني عن التاريخ في أيامه: كنا هنا قبل الزمان وههنا نبقى، فتخضر الحقول رب الأيائل .. ربّها في ساحة الدار الكبيرة يا أبي !"
ويعقب الدارس على هذا قائلاً:
" في هذه الصورة يلتقي الأب " الإنسان الفلسطيني/الشعب " مع الحديقة في وحدة معنوية صغرى هي المهابة المتصفة بالبساطة. وقد جعل الشاعر الحديقة مثلاً أعلى للمهابة الساذجة، وهي ساذجة لأنها ذاتية مستمدة من مكونات الحديقة؟.

وهكذا يرى الدارس في البساطة سذاجة، ولا أظن أن الشاعر يربط بين هاتين، وهنا .. يمكن القول إن الشاعر ليس مسؤولاً عن هذا، ولا يعود ما توصل إليه الدارس إلى النص المربك، وإنما يعود إلى فهم الدارس للبساطة على أنها تعني السذاجة.
ربما يكون هذا الموطن خارجاً عن العنوان الذي تندرج هذه الكتابة تحته. ولكن لا بأس. والسؤال الذي يثار هنا هو هل تعني البساطة السذاجة؟ إن الحديقة في منزل الريفي جزء مهم منه، والأب، في البيت، ضرورة وقوله: " كنا هنا قبل الزمان، وههنا نبقى فتخضر الحقول " لا يعبر عن سذاجة. إنه قول بسيط ولكنه عميق جداً، فهو يعبر عن تمسكه بالأرض وعن حقه فيها دون العودة إلى الكتب، ودون مماحكات وجدل بيزنطي. لقد كنا في فلسطين وسنبقى فيها، وبقاؤنا فيها هو ما يجعلها خضراء، إننا نحب الأرض ونزرعها وهكذا تنتج. لكأن الأب بكلامه البسيط هذا يرد على عشرات الكتب الصهيونية التي زعم مؤلفوها فيها أن فلسطين كانت أرضاً جرداء ومستنقعات قبل مجيئهم إليها. في قصيدته " المسلخ الدولي " يقول مظفر النواب:
قضيتنا، وإن عجنوا، وإن صعدوا، وإن نزلوا
لها شرح بسيط واحد، حقّ لم الهبل؟
لماذا ألف تنظير ويكثر حولها الجدل
قضينا لنا وطن كما للناس في أوطانهم نزل
وأحباب وأنهار وجيران وكنا فيه أطفالاً وفتياناً وبعضاً صار يكتهل
وهذا كل هذا الآن مغتصب ومحتل ومعتقل([9])

فهل يعني كلام مظفر هذا إنه ساذج؟

الموطن الثالث الذي أرغب في أن أتوقف أمامه هو ما ورد في ص 64. يقتبس الدارس، ليوضح الرمز الأسطوري في شعر درويش، الفقرة التالية من " مديح الظل العالي":

" … جربناك جربناك
من أعطاك هذا اللغز؟ من سماك؟
من أعلاك فوق جراحنا ليراك؟
فاظهر مثل عنقاء الرماد من الدمار!

ويقدم لها بما يلي:
" استخدم درويش الأسطورة استخداماً جيداً في خلق الصورة الرمزية المعبرة، وهي كثيرة في شعره، منها ما ورد في قوله"
ويعقب عليها بما يلي:
" يوجه الشاعر خطابه إلى الفدائي الذي حاول الأعداء القضاء عليه، فرسم له صورة العنقاء ذلك الطائر الخرافي الذي يظن أنه عندما يشرف على الموت يحرق نفسه، فينبعث من رماده طائر جديد.
هكذا هو الفدائي، فإنه إن مضى على درب الشهادة سيرجع من جديد في صورة فدائي جديد ."
ويقتصر كلام الدارس على السطر الأخير، والترسيمة التي يبرزها هي خاصة بالسطر الأخير فقط. ولم يأت الدارس على الأسطر الثلاث السابقة، عدا أنه حذف عبارة مهمة قبل عبارة " جربناك " هي " وبيروت اختيار الله، ويتساءل المرء وهو يقرأ النص: على من يعود الضمير في " جربناك "، ثم يتساءل أيضاً: من يخاطب الشاعر في قوله " فاظهر "؟ هل الكاف في " جربناك " هي الأنت/ الضمير المستتر في " فاظهر ". وإذا كان الضمير يعود إلى أقرب اسم له، فإنه في جربناك يعود على لفظ الجلالة، وإذا كان ذلك كذلك فإن الأنت في فاظهر تعود على الكاف في ليراك. إذن من يخاطب الشاعر؟ الفدائي أم الذات الإلهية؟
ويخيّـل إلي أن اقتبـاس فقـرة للكتابـة عنها تبدو مثل من يقرأ من الآية القرآنية: }لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى{. العبارة الأولى-أي }لا تقربوا الصلاة{.
ولعل الفقرة المقتبسة لا يتضح معناها إلا من خلال قراءة النص كله، بل من خلال الإصغاء إلى الشاعر وهو يقرأ نصه وملاحظة الحركة التي يبديها وهو يقرأ وقد قرأ الشاعر نصه في الجزائر في عام 1983، وللأسف فإنني لم أشاهد شريط (الفيديو). لألحظ حركات يديه. هنا نتذكر ثالثة مقولة التفكيكيين: الكتابة كلام ناقص لا يتضح معناه إلاّ من خلال القراءة وملاحظة حركات اليد أو العين التي تعطي المكتوب والمنطوق معنى محدداً، قد لا يتحدد لو قريء وحده أو لو نطق به دون إشارة . وإذا ما عدنا إلى " مديح الظل العالي " وجدنا درويش يقول:" باسم الفدائي الذي خلقا من جرحه شفقا " – هذا في الصياغة الثانية لأنه في الصياغة الأولى قال:" باسم الفدائي الذي خلقا من جرحه أفقا"، وإذا كان الشاعر يؤسطر الفدائي ويجعل منه خالقاً، ويخاطبه في نهاية النص قائلاً:
عبثاً تحاول يا أبي ملكاً ومملكة
فسر للجلجلة
واصعد معي
لنعيد للروح المشرد أوله
ماذا تريد، وأنت سيد روحنا
يا سيد الكينونة المتحولة.
يا سيد الجمرة
يا سيد الشعلة
ما أوسع الثورة
ما أضيق الرحلة


ما أكبر الفكرة
ما أصغر الدولة ! …([10])

فإنه في النص يقول لكاف المخاطب في " جربناك " : مَنْ أعطاك هذا اللغز؟ مَنْ سمّاك؟ مَنْ أعلاك فوق جراحنا ليراك ؟
وهنا يثار التساؤل : أيخلط درويش في الضمائر؟ أم أنه تارة يؤسطر الفدائي – وينضوي تحت هذه المفردة الأب- أي ياسر عرفات – وطوراً يخاطبه كما لو أنه هنا يخاطب الذات الإلهية. الفدائي خالق وهو ملموس، والله في الفكر الديني خالق اعتلى العرش، وهو موجود في كل مكان، ولكنه غير ملموس، وإنما ننظر في آثاره( تفكروا في خلقي ولا تفكروا في ذاتي فتهلكون). وهل أجاب درويش، في أشعاره اللاحقة، عن هذا الاختلاط في الضمائر: " هو في أنا في أنت لا حي يقول لميت كُنّي ؟
حقاً من المخاطب في قوله " جربناك "؟ والله حي لا يموت، ولكن الثورة قد تنتهي، ولكنها أيضاً قد تبعث من جديد، وبالتالي فإن الأنت المستترة في " فاظهر " تعود إلى الفدائي. وهنا يربكنا النص، وهنا يمكن أن نسأل درويش لأن المعنى في بطنه، ولكن ماذا لو قال: اسألوا النص، لأنه ما عاد يحيا اللحظة التي كتب نصه فيها. أم أن علينا هنا أن نعود إلى أنيس صايغ لنسترشد برأيه؟

الموطن الرابع الذي أود الإتيان عليه هو ما أورده الدارس في ص 73 تحت عنوان " الصورة المركبة: الرباعية: الرباعية المكتملة. وهنا لن أناقش الصورة قدر ما سأناقش رأياً للدارس. يكتب الدارس:
" ومن نماذج الصورة الرباعية المكتملة عند درويش ما جاء في قوله:
وكان صديقي يطير
ويلعب مثل الفراشة حول دم
ظنه زهرة
ويعقب:
" يصور الشاعرُ الشهيدَ – عز الدين القلق – وهو يتخبط في دمائه لا يعرف سبباً لذلك بالفراشة البريئة التي تخلق الأزهار ."
ولا أرى الدارس أوضح الصورة. لقد اكتفى بتبيان مكوناتها، ولكن الحكم الذي أصدره " لا يعرف سبباً لذلك " يبدو مربكاً. هل حقاً لا يعرف القلق سبب تخبطه يوم استشهد. وما الدم الذي ظنه زهرة، وما الصلة بينه وبين الفراشة؟ إن دال الفراشة في أشعار درويش دالٌ ذو حضور مكثف، ويحدد السياق مدلوله، وإذا كانت الفراشة تقترب من النار فتحترق، فإن احتراق القلق هنا إنما يعود إلى انخراطه في المقاومة وفي دفاعه عن فلسطين التي هي زهرته الخالدة، كما قال مظفر عن أبي جهاد – خليل الوزير - في " يوميات عرس الانتفاضة " : فلسطين زهرته الخالدة([11]). والقلق، كما أبو جهاد، يندفع نحو فلسطين التي شبه الزهرة بها، فلسطين الدموية التي يظنها زهرة. هذا هو السبب وهو معروف للفدائيين منذ البدء وإلا لاختاروا حياة أخرى.

ومرة ثانية من هو المسؤول عن هذه القراءات: أهو القارئ، أم النص المربك؟ وماذا نقول في النص المربك وفي صاحبه؟ وهل نخاطب محمود درويش، كما خاطب قارئٌ ما أبا تمام،: لماذا تقول ما يستعصي، أحياناً، على الفهم؟ وهل نرد على الشاعر بما قاله أنيس صايغ؟ لا أدري، غير أننا نقرأ ونحاور ونجتهد وقد نصيب وقد نخطئ، كما في السياسة وفي التجارة وفي الحياة الزوجية، وعلى الرغم من كل ما قلته عن اجتهادات د. عاطف أبو حمادة فإن كتابه يظل كتاباً جيداً، لقد بذل ثلاث سنوات من عمره يجتهد ويجد حتى توصل إلى ما توصل إليه، وحاور أشعار درويش لنحاور بعض محاوراته.



________________________________________
([1]) صدر الكتاب في بيروت في عام 1994 عن مكتبة بيسان، انظر ص 270.
([2]) جريدة الاتحاد (حيفا) بتاريخ 14/5/1993، نقلاً عن جريدة القدس العربي (لندن.
([3]) مجلة الشعراء (رام الله)، العدد 4و5، ربيع وصيف 1999، ص 27.
([4]) المكان نفسه.
([5]) انظر الشعر العربي في نهاية القرن، ( تحرير وتقديم فخري صالح)، بيروت، 1997، ص 94.
([6]) صدر الكتاب عن الاتحاد العام للمراكز الثقافية في غزة(1998).
([7]) السابق، ص1 – ص 24.
([8]) محمود درويش، ديوان محمود درويش، بيروت، دار العودة، مجلد1، ط14، (1996)، ص 567.
([9]) مظفر النواب، الأعمال الشعرية الكاملة، لندن، دار قنبر، 1996، ص87.
([10]) محمود درويش، ديوان محمود درويش، بيروت، مجلد 2، (1994)، ص76.
([11]) انظر مقالتي في رؤية ( غزة ) العدد السادس، شباط، 2001. " سعدي والنواب والرموز الفلسطينية".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الصورة الفنية في شعر محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محمود درويش
» عن محمود درويش
» جدارية محمود درويش
» السر في حياة محمود درويش
» نبدة عن حياة محمود درويش

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: -,.-~*'¨¯¨'*·~-.¸¤~°*¤ô§ô¤*~( مـــنــتديــات الــــــمــواد الـــدراســـيــة )~*¤ô§ô¤*°~¤,.-~*'¨¯¨'*·~-.¸- :: منتدى مواد اللغة العربية-
انتقل الى: