أهلاً وسهلاً
بحضورك أشرقت الدار
وبانضمامك الينا
سعدنا كثير وغمرتنا الفرحة
وكلنا شوق لاطلالتك علينا
كل يوم
بحضورك البهي
وما سيجود فيه قلمك
من همسات ومشاركات
فقد تهيئت قلوبنا قبل صفحات منتدانا
لاستقبال عبق حروفك
وبوح قلمك
وتقبل امنياتي بقضاء أجمل وأسعد الأوقات
وأكثرها فائدة لنا ولك
وأهلاً وسهلاً
أهلاً وسهلاً
بحضورك أشرقت الدار
وبانضمامك الينا
سعدنا كثير وغمرتنا الفرحة
وكلنا شوق لاطلالتك علينا
كل يوم
بحضورك البهي
وما سيجود فيه قلمك
من همسات ومشاركات
فقد تهيئت قلوبنا قبل صفحات منتدانا
لاستقبال عبق حروفك
وبوح قلمك
وتقبل امنياتي بقضاء أجمل وأسعد الأوقات
وأكثرها فائدة لنا ولك
وأهلاً وسهلاً
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اللمة الجزائرية :: تعرف على الجزائر من أهلها جزائري : منتدى ثقافى ، سياحي ، تعليمي ، نقاشي ، تطويري ، برمجي ، رياضي ، ترفيهي ، سياسي متخصص بالشوؤن الأسرة.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولكل القونين المنتدى

 

 جدارية محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اميرة الورد
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام
اميرة الورد


عدد المشركات : 2601
مستواك : 1672
معدل اليومي :: : 34
تاريخ التسجيل: : 05/01/2010
العمر : 35
الموقع : تلمسان

جدارية محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: جدارية محمود درويش   جدارية محمود درويش I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 17, 2010 11:55 am

جدارية محمود درويش: ملحمة جلجامش المعاصرة
مهدي نصير

يجب الاعتراف أولاً وقبل البدء بمحاولة تحليل هذا العمل الفذ أنه وبعد كل قراءةٍ جديدة يكتشف القارئ رموزاً جديدة وعلاقات وإسقاطات وإحالات جديدة.
فهذه القصيدة ليست قصيدة غنائية عادية بل هي قصيدة ملحمية ( قراءة معاصرة ومبدعة لملحمة جلجامش العظيمة) ويدور بها الحوار على ثلاثة مستويات ومستوى رابع ختامي وسوف أبين تالياً هذه المستويات بالتفصيل :
قبل البدء بتوضيح مستويات الحوار في العمل لا بد من إيضاح ملاحظتين مهمتين في النص هما:
استخدم الشاعر تقنية اختلاف الإيقاع وذلك باستخدام تفعيلات عروضية مختلفة ( متفاعلن وفعولن) للتمييز بين الأصوات المتحاورة والمتناقضة في النص.
تسمية العمل بالجدارية يحيل فوراً إلى جدارية جلجامش حيث أن نص الملحمة كان على شكل ألواح وجداريات.
المستوى الأول: صوت جلجامش / الشاعر/ الروح / الفن / الإبداع الإنساني ..الخ
المستوى الثاني: صوت انكيدو / الجسد / المرض / الضعف ..الخ
المستوى الثالث: الموت.
المستوى الرابع: وهو مستوى كان مُحيراً لي حيث يحتل انكيدو في هذا الجزء من القصيدة صوت جلجامش بإيقاعه وتفعيلته ( صوت جلجامش الذي احتل تفعيلة متفاعلن عبر القصيدة يعود في هذا المستوى ليتحدث بإيقاع وتفعيلة انكيدو فعولن).

توطئة:

هذه القصيدة تنتمي بعمق واحتراف وانضباط إلى قصيدة التفعيلة حيث كان ملاحظاً الاحترافية العالية في التعامل مع تفعيلات النص والانتقال الفني الباهر ذي الدلالة البنائية بين هذه التفعيلات حيث استخدم الشاعر تفعيلتين في هذا النص :
ـ متفاعلن والتي تمثل صوت جلجامش/ الشاعر.
ـ فعولن والتي تمثل صوت انكيدو/ الجسد المريض .
ولم يخرج الشاعر على هاتين التفعيلتين طوال النص إلا في لازمة شعرية عمودية واحدة وكانت تمثل صوتاً من خارج النص والحوار المحتدم بين جلجامش وانكيدو وكانت على البحر الخفيف:
' باطلٌ باطلُ الأباطيلِ باطلْ كلُّ شيءٍ على البسيطةِ زائلْ '
ولهذه اللازمة العمودية دور في الحوار بين جلجامش وانكيدو ( فالمصالحة بينهما تمت على ما استقر عليه العُرف والحكمة الإنسانية القديمة).
الحوارات في النص :
صوت جلجامش: تبدأ القصيدة بصوت جلجامش الغاضب ( متفاعلن)
' لا شيءَ يوجعني على باب القيامةِ
لا الزمان ولا العواطفُ
لا أُحس بخفةِ الأشياء أو ثقلِ الهواجسِ
لم أجد أحداً لأسألَ أينَ أيني الآنَ؟ أينَ مدينة الموتى وأينَ أنا؟
فلا عدمٌ هنا في اللاهنا في اللازمان ولا وجود ... الخ '
هذا الصوت هو صوت جلجامش الحزين المنكسر على مرض ثم موت انكيدو وهو صوت الشاعر الحزين على مرضه وجسده وضعفه ..الخ.
'لستُ أنا النبيّ لأدعي وحياً
وأعلن أن هاويتي صعود .. الخ '
يحتل هذا الصوت الجزء من ص 9 إلى ص 28 من القصيدة ويسير بنفس التوتر المعروف في هذا الجزء من ملحمة جلجامش.
صوت انكيدو: يدخل هنا صوت انكيدو الضعيف الذي يقترب من الموت ( فعولن) ( ويحتل الجزء من ص 29 إلى ص 32) :
' تقولُ ممرضتي: أنتَ أحسنُ حالاً وتحقنني بالمخدرِ: كن هادئاً وجديراً
بما سوفَ تحلمُ بعدَ قليل '
وهنا يدخل الشاعر/ الجسد / انكيدو إلى عوالمه الشخصية المرتبطة بالحلم والأشياء العميقة التي شكلته الطبيب الفرنسي/ الأب العائد من الحج/ الشباب المغاربة / ريني شار/ هيدجر/ أبو العلاء المعري/ بلاده التي يعشق .. الخ ).
هذه الرؤى والتي تمثل الأشياء الشخصية الحميمة والعميقة للشاعر تراءت له تحت العملية وبعد حقنة المخدر، ونلاحظ هذه الحميمية في التعامل مع أشياء كونت وعيه وعادت في اللحظة الحارقة والقاتلة والتي تختفي عندها كل الرتوش والزوائد والزوائف ويحضر العميق والأصيل .
هذا الصوت صوتٌ ضعيف مستسلم أمام المرض ويستعيد في اللحظات الفارقة والحارقة أكثف وأعلى ذكرياته التي شكلته .
صوت جلجامش: وكأن هذا الضعف الذي برز بصوت انكيدو استثار جلجامش فعاد إلى النص ( بصوت متفاعلن من ص 33 إلى ص 64 ):
'خضراءُ ارضُ قصيدتي خضراء .. الخ'
'اخذ الرعاة حكايتي وتوغلوا في العشب ..الخ '
' أعلى من الأغوار كانت حكمتي
إذ قلتُ للشيطان لا تمتحني ،لا تضعني في الثنائياتِ واتركني كما أنا زاهداً برواية العهد القديم...
ولي السكينةُ حبة القمحِ الصغيرة سوف تكفينا أنا واخي العدو ..الخ'
' وأريد أن أحيا فلي عملٌ على ظهر السفينة لا لأنقذَ طائراً من جوعنا أو من دوار البحر
بل لأشاهد الطوفان عن كثبٍ ..الخ'
في هذا الجزء من النص يصل الشاعر إلى التناقض الوجودي العميق، إلى السؤال الخالد الذي شكَّل محور ملحمة جلجامش الخالدة .
فالتوتر الوجودي وصل أقصى حالاته ووقف الشاعر وجهاً لوجه مع ملك الملوك ( الموت) وسيبدأ الآن الحوار الصاعق بينهما وسيبدأ توتر النص وأسئلته الجارحة والجارفة والمتناقضة والقاتلة وسيستخدم الشاعر كل أسلحته ويمارس أعلى درجات الحرب النفسية ضد الموت في مقاطع شعريةٍ هي من أعمق وأرقى ما قيل في هذا
المقام.
سيتبادلان ( الشاعر والموت) القوة والضعف وسيحاول الشاعر تلقين الموت دروساً ليكون شريفاً لا لصاً عابراً وشحاذاً أو شرطيَّ مرور .
في هذه المقاطع يرتقي محمود درويش بقصيدتهِ إلى مصاف القصائد الإنسانية العظيمة :
' أيها الموت انتظرني خارج الأرض انتظرني في بلادكَ، ريثما أُنهي حديثاً عابراً مع ما تبقى من حياتي... ريثما أنهي قراءةَ طرفـْـةَ بن العبدِ.. الخ'
' أيها الموت انتظرْ حتى أُعدَّ حقيبتي ،فرشاةَ أسناني ،وصابوني وماكنة الحلاقة والكولونيا والثياب هل المناخ هناكَ معتدلٌ؟..الخ'
ويواصل الشاعر حواره الساخر العميق المؤلم والمتوتر والجارح والإنساني مع هذا الجبار ( الموت):
' يا موت انتظرْ ،يا موت حتى أستعيدَ صفاءَ ذهني في الربيعِ وصحتي لتكونَ صياداً شريفاً لا يصيد الظبي قرب النبع ..الخ'
'يا موتُ يا ظلي الذي سيقودني يا ثالثَ الاثنين...الخ'
الاثنان هما جلجامش وانكيدو والموت ثالثهما وهنا يواصل الشاعر حربه المبرمجة والساخرة من الموت بطريقة لم يسبقه إليها احد ( على حد علمي ومعرفتي):
' إجلس على الكرسيِّ، ضع أدوات صيدكَ تحتَ نافذتي وعلقْ فوقَ باب البيتِ سلسلة المفاتيحِ الثقيلةِ ....
لا تحدّقْ يا قويُّ إلى شراييني لترصدَ نقطة الضعفِ الأخيرة
أنت أقوى من نظام الطب
فكن أسمى من الحشرات
كن من أنت،شفافاً بريداً واضحاً للغيبِ
كن كالحب عاصفةً على شجرٍ ولا تجلس على العتبات كالشحاذِ أو جابي الضرائبِ ......
ويا موت انتظرْ واجلس على الكرسيِّ
خذ كأسَ النبيذِ ولا تفاوضني فمثلكَ لا يفاوضُ أيَّ إنسانٍ .. الخ '
ويواصل جلجامش / الشاعر صعوده العميق نحو التناقض القاهر ( كيف يقهر الموت ؟ لا بدَّ من قوةٍ لتقهرَ هذا القويَّ القاتلَ ..ما هو؟):
' ألديكَ وقتٌ لاختبار قصيدتي؟
لا ليسَ هذا الشأنُ شأنَكَ
أنتَ مسؤولٌ عن الطينيِّ في البشريِّ لا عن فعلهِ أو قولهِ ..الخ '
وهنا يتفجر النص بأقوى وأعذب إيقاعاته وأعمقها دلالة وعليه بنى الشاعر هجومه الكاسح ضد الموت :
' هزمتكَ يا موتُ الفنونُ جميعها
هزمتكَ يا موتُ الأغاني في بلاد الرافدين
مسلـَّةُ المصريِّ،مقبرةُ الفراعنةِ ،النقوشُ على حجارةِ معبدٍ، هزمتكَ وانتصرتْ
وأفلتَ من كمائنكَ الخلود '
هذه هي المقولة الرئيسية التي ابدعتها جدارية محمود درويش فالفن الإنساني العميق والإبداع والروح الإنسانية السامية للإنسان لا يمكن أن تموت فهي التي قهرتكَ يا موت وانتصرتْ عليك.
هنا وجد الشاعر مقتلاً لهذا الملك الجبار: ( هناكَ جزءٌ مني ليس لك عليه سلطان) وهذا ما لم يجده جلجامش في ملحمته .
فكأن الشاعر ومن شدة غيظه من هذا الجبار يقول له انني سأبقى خالداً رغماً عنك .
يواصل الشاعر ويوسع هجومه المباغت على الموت بعد أن اكتشف هذا الاكسير وهذا المقتل الهائل لهذا القاتل الخالد :
' كأنكَ المنفيُّ بين الكائناتِ
ووحدَكَ المنفيُّ، لا تحيا حياتكَ ،ما حياتُكَ غيرُ موتي...'
'.. ولم تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السرير ..الخ '
' وحدكَ المنفيُّ يا مسكين
لا امرأةٌ تضمكَ بين نهديها
ولا امرأةٌ تقاسمك الحنينَ إلى اقتصاد الليلِ ..الخ'
'ولم تلد ولداً يجيئكَ ضارعاً: أبتي أُحبكَ ..الخ'
وهنا يشن الشاعر حرباً نفسيةً شرسة ضد الموت ويواصل سردَ واستعراض مواطن قوتهِ أمام هذا المارد الجبار ويقول له: لم ارجع عندما طاشت سهامكَ إلا لأرسمَ صورةً جميلةً أخرى وأوزع روحي وأودع الأرض التي تمتصني حباً .. الخ.
كأنه يقول للموت ها أنذا أزرعُ أعداءكَ في هذا العالم ( الجمال والإبداع والفن الإنساني الخالد..الخ).
صوت انكيدو / الجسد: يعود الإيقاع إلى فعولن وصوت الضعف الإنساني ويحتل هذا الصوت الجزء من القصيدة من ص 65 إلى ص 67 :
يرجع صوت انكيدو ثانيةً بضعفه العميق ليُذكِّر جلجامش ( بعد انتصاراته في حواراته العميقة مع الموت في الجزء السابق) بأنّ للمسألةِ وجهاً آخر :
'تقولُ ممرضتي: كنتَ تهذي كثيراً وتصرخُ: يا قلبُ
يا قلبُ خذني إلى دورةِ الماء ..الخ '
يتقدم النص إلى توترٍ أعلى ويصرخ انكيدو/ الجسد المريض بوجه جلجامش/ الشاعر بعد انتصارات روحهِ المبدعة على الموت ليقول له :
'ما قيمةُ الروحِ إن كان جسمي مريضاً ولا يستطيع القيامَ بواجبهِ الأولي؟
فيا قلبُ، يا قلبُ، أرجعْ خطايَ إليَّ
لأمشي إلى دورةِ الماءِ وحدي ..الخ'.
وينهي الشاعر هذا المقطع القصير من هذا الإيقاع بسؤالٍ عميق ومؤلم :
'تقول ممرضتي: كنتَ تهذي طويلاً
وتسألني: هل الموتُ ما تفعلين بيَ الآنَ أم هوَ موتُ اللغة ؟'
صوت جلجامش/ الشاعر ( إيقاع متفاعلن ويحتل الجزء من ص 68 إلى ص 80 ):
يرد جلجامش/ الشاعر على انكيدو/ الجسد المريض وعلى ضعفه واستهزائه بالروح في الجزء السابق بأسلحة بدت تصالحية هربت منها النشوة التي اعترت الجزء الذي اشتبك فيه مع الموت في حوارٍ بدا فيه انتصار الشاعر على هذا الجبار القاتل :
' أنا حبةُ القمحِ التي ماتت لكي تخضرَّ ثانيةً وفي موتي حياة .. الخ'
'قال طيفٌ ما: كان اوزيريس مثلكَ كانَ مثلي، وابن مريمَ كان مثلكَ كان مثلي
بيدَ أن الجرحَ في الوقت المناسب يوجعُ العدم المريضَ ويرفعُ الموتَ المؤقتَ فكرةً ..الخ'
'فاصمد يا حصاني، لم نعد في الريحِ مختلفينِ
أنتَ فتوتي وأنا خيالكَ فانتصبْ ألفاً .
ولا تسقط عن السطح الأخير كرايةٍ مهجورةٍ في الأبجدية ...الخ'
في هذا الجزء من النص يبرز اسم جلجامش للمرة الأولى بشكل مباشر ونسير على خطاه حيث يبدأ خطاب الشاعر لانكيدو بالاسم المباشر كممثل وصوت لجلجامش :
' ولم نزل نحيا كأن الموتَ يخطئنا
فنحن القادرين على التذكرِ قادرون على التحرر :
سائرون على خطى جلجامش الخضراء من زمنٍ إلى زمنِ ..الخ'
ويواصل الشاعر توجيه خطابه إلى انكيدو ولكن باسمه المباشر الآن :
' انكيدو! خيالي لم يعد يكفي لأكمل رحلتي
لا بدَّ لي من قوةٍ ليكون حلمي واقعياً
هاتِ اسلحتي أُلمعها بملح الدمعِ ..هاتِ الدمعَ، انكيدو، ليبكي الميْتُ فينا الحيَّ . ما أنا؟
من ينامُ الآنَ انكيدو ؟ أنا أم أنتَ ؟...
فانهضْ بكاملِ طيشكَ البشريِّ واحلم بالمساواة القليلةِ بينَ آلهةِ السماءِ وبيننا ..الخ'
ثم يواصل الشاعر/ جلجامش هذه اللغة التصالحية مع انكيدو وينتقل الى وجهٍ آخر من اللغز وهو اعتذار جلجامش من انكيدو عندما روَّض فيه الوحش وأنسنه :
'ظلمتُكَ حينما قاومتُ فيكَ الوحشَ بامرأةٍ سقتكَ حليبها فأنستَ واستسلمتَ للبشريِّ
انكيدو ترفقْ بي وعدْ من حيثُ متَّ لعلنا نجدُ الجواب ..الخ'
كأنَّ الشاعر يريد أن يعيد الملحمة إلى نقطة البدء وتغيير مجراها المعروف وبقاء انكيدو في بريته ووحشيتهِ وتجاوز الجزء الذي وقع فيه الصراع بينهما بعد ترويضه وأنسنته وانتصار جلجامش عليه وضمه إلى قوته والبدء في مراسيم الأسطورة كما هي في الملحمة :
' عشْ لجسمكَ لا لوهمكَ وانتظرْ ولداً سيحمل عنكَ روحَكَ فالخلود هو التناسل في الوجود ..الخ'
وهنا يعقد جلجامش/ الشاعر صلحاً ملحمياً مع انكيدو ويعتذر عن إكمال الملحمة بالصيغة التي سارت عليها ويقر بضعفهما معاً وأن عليهما أن يعيشا معاً ( الروح والجسد، جلجامش وانكيدو ) فلا معنى لأحدهما دون الآخر وأن الخلود الحقيقي هو التناسل في الوجود ( وهنا عودة للفكرة التقليدية والواقعية والطاغية للخلود وهي الفكرة التي تبنتها بعض الأديان والفلسفات عبر التاريخ) .
صوت انكيدو وجلجامش معاً: ( إيقاع فعولن وهو إيقاع صوت انكيدو عبر القصيدة والصوت هو صوت جلجامش ولغته ومفرداته، واحتل هذا الجزء من النص الجزء من ص 86 إلى ص 91 ).
هنا في هذا الجزء من القصيدة وبعد المصالحة الملحمية بين جلجامش وانكيدو واعتذار جلجامش لانكيدو عن ترويضه له في محاولة منه لكسر النهاية التقليدية للملحمة يتحد الصوتان معاً في صوتٍ واحد حيث يتحدث هنا جلجامش عبر صوت انكيدو :
' من أنا ؟ أنشيد الأناشيدِ أم حكمةُ الجامعة؟
وكلانا أنا وأنا شاعرٌ وملكْ
وحكيمٌ على حافةِ البئرِ، لا غيمةٌ في يدي
ولا أحدَ عشرَ كوكباً
على معبدي، ضاق بي جسدي، ضاق بي ابدي
وغدي جالسٌ مثلَ تاجِ الغبارِ على مقعدي'
في داخل هذا الصوت المتزن ( جلجامش وانكيدو معاً) هنا تدخل اللازمة الشعرية العمودية والتقليدية للحكمة الإنسانية والتي عبرها كانت المصالحة : ( البحر الخفيف)
'باطلٌ باطلُ الأباطيلِ باطلْ كلُّ شيءٍ على البسيطةِ زائلْ '
فكل شيءٍ له وقته ولا شيءَ يبقى على حاله:
' للولادة وقتٌ وللموتِ وقتٌ وللصمتِ وقتٌ وللنطقِ وقتٌ وللحربِ وقتٌ وللصلحِ وقتٌ وللوقتِ وقتٌ ولا شيءَ يبقى على حالهِ .... الخ'.
عاد الحديث المتصالح مع الأشياء إلى ما استقرت عليه الحضارة والحكمة الإنسانية العميقة وأن لكل شيءٍ وقته فللحب وقتٌ وللمجد وقتٌ وللموتِ وقتٌ .. فالموت هنا يمثل احد مكونات الحياة وليس نقيضها وان الخلود هو التناسل في الوجود.
واختتم الشاعر للتأكيد على أن الحل جاء من خارج النص ومن الحكمة التقليدية باللازمة العمودية :
'باطلٌ باطلُ الأباطيلِ باطلْ كلُّ شيءٍ على البسيطةِ زائلْ ' .
النشيد الختامي للجدارية: ( صوت محمود درويش الشاعر والإنسان واستخدم تفعيلة جلجامش، واحتل الجزء من القصيدة من ص 92 إلى نهاية القصيدة) .
وهنا نلاحظ صوت محمود درويش التاريخي بهمومه وخطابه والتزامه فهو يتحدث في هذا النشيد عن تجربته وحياته وصراعاته الفردية والحضارية والقومية ، يتحدث عن بلاده عن أقدم المدن الجميلة وأجمل المدن القديمة ( عكا) ويؤكد انه الآن يتحدث بصوت محمود درويش من خلال تقطيعه لحروف اسمه وتعريفها ( م ح م و د) :
'ها هنا كنا وكانت نخلتانِ تُحمـِّـلان البحرَ بعضَ رسائلِ الشعراءِ
لم نكبر كثيراً يا أنا . فالمنظرُ البحريُّ والسور المدافعُ عن خسارتنا ورائحةُ البخورِ
تقول: ما زلنا هنا حتى لو انفصلَ الزمان عن المكان ..الخ '
ثم حواره مع سجانه الذي يريد أن يحيا على إيقاع أمريكا وحائط أورشليم ثم نقده العميق للواقع القائم لهذه الأمة :
' لديَّ ما يكفي من الماضي وينقصني غدٌ ..الخ '
يختتم الشاعر هذا العمل العظيم بغنائية درويشية رائعة :
'هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرطبُ لي
هذا الرصيفُ وما عليهِ من خطايَ ومن سائلي المنويِّ..الخ
وآنيةُ النحاسِ وآيةُ الكرسيِّ والمفتاحُ لي والبابُ والحراسُ والأجراس لي ..الخ
أما أنا ـ وقد امتلأتُ بكلِّ أسبابِ الرحيل ..ـ
فلستُ لي
أنا لستُ لي
أنا لستُ لي '
' شاعر من الاردن

القدس العربي
__________________
قالوا: مشت، فالحقلُ ، من ولَهٍ

متلبِّكٌ ، والقمح يكتنزُ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جدارية محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قراءة في جدارية محمود درويش
» عن محمود درويش
» محمود درويش
» الصورة الفنية في شعر محمود درويش
» السر في حياة محمود درويش

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: -,.-~*'¨¯¨'*·~-.¸¤~°*¤ô§ô¤*~( مـــنــتديــات الــــــمــواد الـــدراســـيــة )~*¤ô§ô¤*°~¤,.-~*'¨¯¨'*·~-.¸- :: منتدى مواد اللغة العربية-
انتقل الى: